فصل: تفسير الآية رقم (101):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان المشهور بـ «تفسير القرطبي»



.تفسير الآية رقم (101):

{بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101)}
قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي مبدعهما، فكيف يجوز أن يكون له ولد. و{بَدِيعُ} خبر ابتداء مضمر أي هو بديع. وأجاز الكسائي خفضه على النعت لله عز وجل، ونصبه بمعنى بديعا السماوات والأرض. وذا خطأ عند البصريين لأنه لما مضى.
{أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ} أي من أين يكون له ولد. وولد كل شيء شبيهه، ولا شبيه له. {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ} أي زوجة {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} عموم معناه الخصوص، أي خلق العالم. ولا يدخل في ذلك كلامه وصفات ذاته. ومثله {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} ولم تسع إبليس ولا من مات كافرا. ومثله {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} ولم تدمر السماوات والأرض.

.تفسير الآية رقم (102):

{ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)}
قوله تعالى: {ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ} {ذلِكُمُ} في موضع رفع بالابتداء. {اللَّهُ رَبُّكُمْ} على البدل. {خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} خبر الابتداء. ويجوز أن يكون {رَبُّكُمْ} الخبر، و{خالِقُ} خبرا ثانيا، أو على إضمار مبتدأ، أي هو خالق. وأجاز الكسائي والقراء فيه النصب.

.تفسير الآية رقم (103):

{لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)}
قوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ} بين سبحانه أنه منزه عن سمات الحدوث، ومنها الإدراك بمعنى الإحاطة والتحديد، كما تدرك سائر المخلوقات، والرؤية ثابتة. فقال الزجاج: أي لا يبلغ كنه حقيقته، كما تقول: أدركت كذا وكذا، لأنه قد صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأحاديث في الرؤية يوم القيامة.
وقال ابن عباس: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ} في الدنيا، ويراه المؤمنون في الآخرة، لإخبار الله بها في قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ} وقال السدي. وهو أحسن ما قيل لدلالة التنزيل والأخبار الواردة برؤية الله في الجنة. وسيأتي بيانه في يونس.
وقيل: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ} لا تحيط به وهو يحيط بها، عن ابن عباس أيضا.
وقيل: المعنى لا تدركه أبصار القلوب، أي لا تدركه العقول فتتوهمه، إذ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وقيل المعنى لا تدركه الأبصار المخلوقة في الدنيا، لكنه يخلق لمن يريد كرامته بصرا وإدراكا يراه فيه كمحمد عليه السلام، إذ رؤيته تعالى في الدنيا جائزة عقلا، إذ لو لم تكن جائزة لكان سؤال موسى عليه السلام مستحيلا، ومحال أن يجهل نبي ما يجوز على الله وما لا يجوز، بل لم يسأل إلا جائزا غير مستحيل. وأختلف السلف في رؤية نبينا عليه السلام ربه، ففي صحيح مسلم عن مسروق قال: كنت متكئا عند عائشة، فقالت: يا أبا عائشة، ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية. قلت: ما هن؟ قالت من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية. قال: وكنت متكئا فجلست فقلت: يا أم المؤمنين، أنظريني ولا تعجليني، ألم يقل الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى}؟ فقالت: أنا أول هذه الأمة من سأل عن ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: «إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض». فقالت: أو لم تسمع أن الله عز وجل يقول: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}؟ أو لم تسمع الله عز وجل يقول: {وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا}- إلى قوله: {عَلِيٌّ حَكِيمٌ}؟ قالت: ومن زعم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول: {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ} قالت: ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} وإلى ما ذهبت إليه عائشة رضي الله عنها من عدم الرؤية، وأنه إنما رأى جبريل: ابن مسعود، ومثله عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأنه رأى جبريل، وأختلف عنهما.
وقال بإنكار هذا وامتناع رؤيته جماعة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين. وعن ابن عباس أنه رآه بعينه، هذا هو المشهور عنه. وحجته قوله تعالى: {ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى}.
وقال عبد الله بن الحارث: أجتمع ابن عباس وأبي بن كعب، فقال ابن عباس: أما نحن بنو هاشم فنقول إن محمدا رأى ربه مرتين. ثم قال ابن عباس: أتعجبون أن الخلة تكون لإبراهيم والكلام لموسى، والرؤية لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليهم أجمعين. قال: فكبر كعب حتى جاوبته الجبال، ثم قال: إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى عليهما السلام، فكلم موسى ورآه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحكى عبد الرزاق أن الحسن كان يحلف بالله لقد رأى محمد ربه. وحكاه أبو عمر الطلمنكي عن عكرمة، وحكاه بعض المتكلمين عن ابن مسعود، والأول عنه أشهر. وحكى ابن إسحاق أن مروان سأل أبا هريرة: هل رأى محمد ربه؟ فقال نعم وحكى النقاش عن أحمد بن حنبل أنه قال: أنا أقول بحديث ابن عباس: بعينه رآه رآه! حتى انقطع نفسه، يعني نفس أحمد. وإلى هذا ذهب الشيخ أبو الحسن الأشعري وجماعة من أصحابه أن محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى الله ببصره وعيني رأسه.
وقال أنس وابن عباس وعكرمة والربيع والحسن. وكان الحسن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد رأى محمد ربه.
وقال جماعة منهم أبو العالية والقرظي والربيع بن أنس: إنه إنما رأى ربه بقلبه وفؤاده، وحكي عن ابن عباس أيضا وعكرمة.
وقال أبو عمر: قال أحمد بن حنبل راه بقلبه، وجبن عن القول برؤيته في الدنيا بالأبصار. وعن مالك بن أنس قال: لم ير في الدنيا، لأنه باق ولا يرى الباقي بالفاني، فإذا كان في الآخرة ورزقوا أبصارا باقية رأوا الباقي بالباقي. قال القاضي عياض: وهذا كلام حسن مليح، وليس فيه دليل على الاستحالة إلا من حيث ضعف القدرة، فإذا قوى الله تعالى من شاء من عباده وأقدره على حمل أعباء الرؤية لم يمتنع في حقه. وسيأتي شيء من هذا في حق موسى عليه السلام في الأعراف إن شاء الله. قوله تعالى: {وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ} أي لا يخفى عليه شيء إلا يراه ويعلمه. إنما خص الأبصار، لتجنيس الكلام.
وقال الزجاج: وفي هذا الكلام دليل على أن الخلق لا يدركون الأبصار، أي لا يعرفون كيفية حقيقة البصر، وما الشيء الذي صار به الإنسان يبصر من عينيه دون أن يبصر من غيرهما من سائر أعضائه. ثم قال: {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} أي الرفيق بعباده، يقال: لطف فلان بفلان يلطف، أي رفق به. واللطف في الفعل الرفق فيه. واللطف من الله تعالى التوفيق والعصمة. وألطفه بكذا، أي بره به. والاسم اللطف بالتحريك. يقال: جاءتنا من فلان لطفه، أي هدية. والملاطفة المبارة، عن الجوهري وابن فارس. قال أبو العالية: المعنى لطيف باستخراج الأشياء خبير بمكانها.
وقال الجنيد: اللطيف من نور قلبك بالهدى، وربى جسمك بالغذاء، وجعل لك الولاية في البلوى، ويحرسك وأنت في لظى، ويدخلك جنة المأوى. وقيل غير هذا، مما معناه راجع إلى معنى الرفق وغيره. وسيأتي ما للعلماء من الأقوال في ذلك في الشورى إن شاء الله تعالى.

.تفسير الآية رقم (104):

{قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)}
قوله تعالى: {قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ} أي آيات وبراهين يبصر بها ويستدل، جمع بصيرة وهي الدلالة. قال الشاعر:
جاءوا بصائرهم على أكتافهم ** وبصيرتي يعدو بها عتد وآي

يعني بالبصيرة الحجة البينة الظاهرة. ووصف الدلالة بالمجيء لتفخيم شأنها، إذ كانت بمنزلة الغائب المتوقع حضوره للنفس، كما يقال: جاءت العافية وقد أنصرف المرض، وأقبل السعود وأدبر النحوس {فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ} الإبصار: هو الإدراك بحاسة البصر، أي فمن استدل وتعرف فنفسه نفع. {وَمَنْ عَمِيَ} لم يستدل، فصار بمنزلة الأعمى، فعلى نفسه يعود عماه. {وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} أي لم أومر بحفظكم على أن تهلكوا أنفسكم.
وقيل: أي لا أحفظكم من عذاب الله.
وقيل: {بحفظ} برقيب، أحصي عليكم أعمالكم، إنما أنا رسول أبلغكم رسالات ربي، وهو الحفيظ عليكم لا يخفى عليه شيء من أفعالكم. قال الزجاج: نزل هذا قبل فرض القتال، ثم أمر أن يمنعهم بالسيف من عبادة الأوثان.

.تفسير الآية رقم (105):

{وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105)}
قوله تعالى: {وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ} الكاف في {كذلك} في موضع نصب، أي نصرف الآيات مثل ما تلونا عليك. أي كما صرفنا الآيات في الوعد والوعيد والوعظ والتنبيه في هذه السورة نصرف في غيرها. {وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} والواو للعطف على مضمر، أي نصرف الآيات لتقوم الحجة وليقولوا درست.
وقيل: أي {وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} صرفناها، فهي لام الصيرورة.
وقال الزجاج: هذا كما تقول كتب فلان هذا الكتاب لحتفه، أي آل أمره إلى ذلك. وكذا لما صرفت الآيات آل أمرهم إلى أن قالوا: درست وتعلمت من جبر ويسار، وكانا غلامين نصرانيين بمكة، فقال أهل مكة: إنما يتعلم منهما. قال النحاس: وفي المعنى قول آخر حسن، وهو أن يكون معنى {نُصَرِّفُ الْآياتِ} نأتي بها آية بعد آية ليقولوا درست علينا، فيذكرون الأول بالآخر. فهذا حقيقة، والذي قاله أبو إسحاق مجاز. وفي {دَرَسْتَ} سبع قراءات. قرأ أبو عمرو وابن كثير {دارست} بالألف بين الدال والراء، كفاعلت. وهي قراءة علي وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وأهل مكة. قال ابن عباس: معنى {دارست} تاليت. وقرأ ابن عامر {درست} بفتح السين وإسكان التاء غير ألف، كخرجت. وهي قراءة الحسن. وقرأ الباقون {درست} كخرجت. فعلى الأولى: دارست أهل الكتاب ودارسوك، أي ذاكرتهم وذاكروك، قال سعيد بن جبير. ودل على هذا المعنى قوله تعالى إخبارا عنهم: {وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} أي أعان اليهود النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على القرآن وذاكروه فيه. وهذا كله قول المشركين. ومثله قولهم: {وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}
{إِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ}.
وقيل: المعنى دارستنا، فيكون معناه كمعنى درست، ذكره النحاس واختاره، والأول ذكره مكي. وزعم النحاس أنه مجاز، كما قال:
فللموت ما تلد الوالده

ومن قرأ {درست} فأحسن ما قيل في قراءته أن المعنى: ولئلا يقولوا انقطعت وامحت، وليس يأتي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغيرها. وقرأ قتادة {درست} أي قرئت.
وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن عبيد عن الحسن أنه قرأ {دارست}. وكان أبو حاتم يذهب إلى أن هذه القراءة لا تجوز، قال: لأن الآيات لا تدارس.
وقال غيره: القراءة بهذا تجوز، وليس المعنى على ما ذهب إليه أبو حاتم، ولكن معناه دارست أمتك، أي دارستك أمتك، وإن كان لم يتقدم لها ذكر، مثل قول: {حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ}. وحكى الأخفش {وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} وهو بمعنى {دَرَسْتَ} إلا أنه أبلغ. وحكى أبو العباس أنه قرئ {وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} بإسكان اللام على الأمر. وفية معنى التهديد، أي فليقولوا بما شاءوا فإن الحق بين، كما قال عز وجل: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً} فأما من كسر اللام فإنها عنده لام كي. وهذه القراءات كلها يرجع اشتقاقها إلى شيء واحد، إلى التليين والتذليل. و{دَرَسْتَ} من درس يدرس دراسة، وهي القراءة على الغير.
وقيل: درسته أي ذللته بكثرة القراءة، وأصله درس الطعام أي داسه. والدياس الدراس بلغة أهل الشام.
وقيل: أصله من درست الثوب أدرسه درسا أي أخلقته. وقد درس الثوب درسا أي أخلق. ويرجع هذا إلى التذلل أيضا. ويقال: سمي إدريسي لكثرة دراسته لكتاب الله. ودارست الكتب وتدارستها وادارستها أي درستها. ودرست الكتاب درسا ودراسة. ودرست المرأة درسا أي حاضت. ويقال:
إن فرج المرأة يكنى أبا أدراس، وهو من الحيض. والدرس أيضا: الطريق الخفي. وحكى الأصمعي: بعير لم يدرس أي لم يركب، ودرست من درس المنزل إذا عفا. وقرأ ابن مسعود وأصحابه وأبي وطلحة والأعمش {وليقولوا درس} أي درس محمد الآيات. {وَلِنُبَيِّنَهُ} يعني القول والتصريف، أو القرآن {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.

.تفسير الآية رقم (106):

{اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106)}
قوله تعالى: {اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} يعني القرآن، أي لا تشغل قلبك وخاطرك بهم، بل أشتغل بعبادة الله. {لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} منسوخ.

.تفسير الآية رقم (107):

{وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)}
قوله تعالى: {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا} نص على أن الشرك بمشيئته، وهو إبطال لمذهب القدرية. كمتقدم. {وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} أي لا يمكنك حفظهم من عذاب الله. {وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} أي قيم بأمورهم في مصالحهم لدينهم أو دنياهم، حتى تلطف لهم في تناول ما يجب لهم، فلست بحفيظ في ذلك ولا وكيل في هذا، إنما أنت مبلغ. وهذا قبل أن يؤمر بالقتال.